الخروج من الشرنقة



الخروج من الشرنقة
كان رجل يراقب فراشة وليدة في شرنقتها وهي تتأهَّب لتخرج من الحياة.. بعد بعض الوقت بدأت الشرنقة تتشقق وينفتح جزء صغير منها.. جلس الرجل يتمأل عن كثب هذه الفراشة الوليدة وهي تحاول أن تخرج إلى النور، وكانت تجاهد بقوة المحاولة إخراج جسمها الكبير من الثقب الصغير.
توقفت الفراشة فجأة عن الحركة وبدا كأنها فشلت في الخروج وبئست من المحاولة.. قرر الرجل المتعاطف مساعدة الفراشة على الخروج.
فما كان منه إلا أن أخذ يوسع الثقب، حتى أزال الغشاء الذي كان يحول بين الفراشة وبين الخروج إلى الحياة.. وبسهولة خرجت الفراشة إلى الحياة بعد تفتيت الغشاء، لكنها بدت ضعيفة ومرهقة؛ كان جسمها هزيلا وأجنحتنا لا تقوي على حملها.. ظل الرجل يراقب الفراشة باهتمام، متوقعًا أن تبسط جناحيها الضعيفين وتتأقلم مع الجو تطير.. لكن شيئًا من هذا لم يحدث فلم تقوَ الفراشة على الطيران والتأقلم، وبدأت تزحف بجسمها الهزيل وجناحيها الضعيفين، لم تتمكن من التحليق في الآفاق. وما لم يدركه هذا الرجل الطيِّب العطوف الذي أراد مساعدة الفراشة بإخراجها إلى النور بسرعة، هو أنه حرم الفراشة من المعاناة ومن بذل الجهد اللزمين لإكساب جناحيها قوة تؤهلها للطيران ومواجهة الحياة، عندما تتمكن من إحتراق شرنقتها والخروج إلى العالم الواسع بعد جهد جهيد.
الإنسان يسعى للنجاح و يسعى للتفوق على أقارنه ولكن كل رغبة في النجاح والتوفق يجب أن  تستند إلى عقل يعرف قدراته وإمكاناته وإلا صارت هذه الرغبة خرافية تطمس بصيرة الإنسان... بعض الناس أحيانًا تتحكم فيهم مطامع طائشة هوجاء ويعتقدون أن هذه المطامع هي سرّ تفوقهم، وأنها تثبت قواهم وتؤكد امتياز شخصياتهم، فيندفعون في تحقيقها بمنطق العاطفة، وتتحول المطامع إلى أخيلة لا تمتُّ إلى الواقع بصلة.. وقد يقدِّم لهم النصح ولكنهم يتشبثون بأوهامهم ويصوِّر لهم خيالهم أنهم أفذاذ في معركة الحياة...وهكذا تفسد خيالاتُهم عقولهم وتجرفهم في تيار يقضي عليهم في آخر الأمر.
الإنسان في هذه الحياة له مجموعة أدوار، والنجاح الحقيقي يكمُنُ في تحقيق التوازن بينها، فيجلب هذا التوازن الراضا والسعادة. 

Yorumlar

Bu blogdaki popüler yayınlar

Biraz Ortaya Karışık

Biraz da Türkçe..

Biraz da Türkçe 2